تعريف الزينة والجمال والفرق بينهما ..
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
تعريف الزينة والجمال والفرق بينهما ..
تعريف الزينة لغة / الزينة هي اسم جامع لكل شيء يتزين به .
والزين خلاف الشين , زانه الحسن يزينه زينا .
وتزين بمعنى ازدان , وهو افتعل من الزينة .
ومن هذا التعريف الأخير نجد أن الزينة في اللغة تطلق على معنى زائد على أصل الخلقة , أي الإضافة على أصل الخلقة .
تعريف الجمال / الجمال مصدر جَمُل وهو ضد القبح , وهو الحسن يكون في الفعل والخلْق .
والجملاء : الجميلة , والتامة الحسن من كل حيوان .
والتجمل : تكلف جميل , وتجمل : تزين , وجملة : أي زينة .
ومن خلال استعراض تلك المعاني اللغوية يتبين أن هناك فرق بين اللفظين ( الزينة ـ الجمال )
فلفظ الجمال يختص بالجمال الأصلي في الخلقة دون إضافة شيء إليها , أي الجمال الذي خلق الإنسان به والذي قد يزيد أو ينقص في ذاته ولا يطلق على ما أضيف إضافة خارجية عن أصل الخلقة .
ولهذا قال تبارك وتعالى في معرض الامتنان على عباده بما خلق لهم من بهيمة الأنعام : ( ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ) " سورة النحل : آية 6 "
فهذه الأنعام فيها جملة من المنافع والمصالح , فهم يلبسون ويفترشون من أصوافها وأوبارها وأشعارها , ويشربون من ألبانها ويأكلون من لحومها , وما جعله لهم فيها من الجمال وهو الزينة .
ولهذا قال : ( ولكم فيها جمال حين تريحون ) " سورة النحل : آية 6 "
وهو وقت رجوعها عشيا من المرعى فإنها تكون أسد خواصر وأشد عظمة في الفروع وأعلى ما يكون أسنمة .
من تفسير هذه الآية يتبين أن هذا الجمال لم يكن إلا في أصل الخلقة إذ امتداد الخواصر وامتلاء الفروع وعلو السنام إنما هو الزيادة من نفس الجسم لا من خارج عنه .
وهذه الآية هي الآية الوحيدة التي جاء الجمال فيها بهذا المعنى , إذ أن باقي الآيات التي ورد فيها ذكر الجمال جاءت كلها في مجال الأخلاق .
أما الزينة فهي تشمل ما كان في أصل الخلقة , وما كان مضافا إليها يشهد لهذا قول الله عز وجل : ( والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة )
فقد ساق ابن كثير في تفسير هذه الآية قول المرأة التي دخلت على السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ تسألها : ( ما تقولين في الخضاب والّنفاض والصبغ والقراطين والخلخال وخاتم الذهب وثياب الرقاق ؟ فقالت : يا معشر النساء قصتكن كلها واحدة , أحل الله لكن الزينة غير متبرجات , أي لا يحل لكن أن يروا منكن محرما )
والنفاض بالكسر : إزار من أزر الصبيان .
فمن إجابة السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ اتضح أنها صرفت جميع ما ورد في السؤال إلى معنى الزينة التي هي إضافة إلى أصل الخلقة .
هذا هو الفرق بين كلمتين ( الزينة والجمال ) عند إطلاقهما , أما منت حيث الفعل أي ( تزين وتجمل ) فلا فرق بل هما بمعنى واحد وكلاهما من تكلف الجمال والزينة , كما ورد في التعريف اللغوي : تجمل . أي تزين , وتزين افتعل من الزينة .
ولعل ما يؤيد هذا تقسيم ابن القيم ـ يرحمه الله ـ الجمال إلى قسمين : ظاهر وباطن , فأما الباطن فهو جمال العقل والعلم والعفة والشجاعة , وأما الظاهر : فزينة خص الله بها بعض الصور عن بعض وهي من زيادة الخلق التي قال الله فيها : ( يزيد في الخلق ما يشاء ) " سورة فاطر : آية 1 "
ونلخص مما سبق أن الزينة على قسمين :"الأول / زينة خلقية أو جمال خلقي .
الثاني / زينة مكتسبة .
الزينة الخلقية أو الجمال الخلقي :
إن أول مرحلة ينطلق منها الجمال الخلقي , هي التسوية التامة لشيء فعدم الخلل وعدم النقص هو أدنى حد للجمال كما قال سبحانه ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك ) " سورة الانفطار : آية 6 "
والتسوية هي الوصول بالشيء إلى مرحلة الكمال , وقد أحسن الله صورة الإنسان حيث قال : ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) " سورة التين : آية 4 "
ومع هذا كله فقد خلق الإنسان ميِّالاً للجمال محبا له ووجهه إلى طرق اكتسابه وهيأ له الأسباب التي يأخذ بها ويسلكها ليزداد جمالا , كما قال تعالى : ( وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها ) " سورة النحل : آية 14 "
والزينة الخلقية هي الأساس في كل زينة حسية , إذ أن ما تستخدمه المرأة أو الرجل من باب التزين إنما هو إضافة على أصل الخلقة .
أما الزينة المكتسبة :
فهي تشمل كل ما أضيف على أصل الخلقة , وهي قسمان ظاهرة وباطنه , وهذا النوع هو الذي تنصب عليه جميع الأحكام الشرعية التي سنورد ذكرها إن شاء الله تعالى .